أكدت ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، أن قمة المناخ COP27 بشرم الشيخ استطاعت توصيل كلمة وصوت القارة الإفريقية لجميع دول العالم بمطالبها المشروعة بشأن قضية تغير المناخ، والتي تمثل أهم التحديات التي تواجه العالم أجمع، وخاصة الدول الأفريقية كونها من أكثر الدول المعرضة للأخطار الناجمة التغيرات المناخية.
وأعربت عن خالص شكرها وإعتزازها بالوفود المشاركة خاصةً من الدولة الأفريقية الصديقة وعلى التضافر والتعاون من أجل إنجاح قمة المناخ التي عقدت برئاسة مصر بوصفها أحد بلدان القارة الإفريقية، وهو الحدث العالمى الهام الذي نفتخر جميعًا بقدرتنا على تنظيمه بكفاءة واقتدار، ومثمنة الدعم الكبير والمؤازرة المستمرة للقيادة السياسية في الدولة المصرية لقضايا البيئة والمناخ والجهود المضنية المبذولة للعمل على إنجاح هذا الملف رغم التحديات التي نشهدها جميعًا.
جاء ذلك خلال كلمة ألقتها ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، فى أفتتاح ورشة العمل الأولى لاتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإدارية الأفريقية بعنوان “الاتجاهات القضائية في قضايا المناخ” بحضور معالي المستشار عادل فهيم رئيس مجلس الدولة ورئيس اتحاد مجالس الدولة والمحاكم العاليا الأفريقية، ومشاركة أعضاء مجلس الدولة المصري، وأعضاء مجالس الدولة بالدول الأفريقية .
وأعربت وزيرة البيئة عن خالص شكرها وتقديرها على تشريفها بهذه الدعوة الكريمة وسط نخبة من أعضاء مجالس الدولة الأفارقة الذين لهم دور كبير في دعم جهود حماية البيئة وتنميتها وترسيخ الحق في البيئة في قارتنا الأفريقية، مهنئة الحضور على عقد هذا الحدث في دورته الأولى، وما يحمله من إسهامات قانونية لضمان حقوق شعوب القارة والإرتقاء بها إلى صفوف الأمم الناهضة، خاصة وأن موضوع هذه الورشة يتعلق بقضية من أهم قضايا العصر وهي حماية البيئة وتنميتها بصفة عامة ومجابهة الآثار المحتملة للتغيرات المناخية بصفة خاصة، والتى أصبحت محل اهتمام الجميع، حيث أنها تمثل التحديات التي تواجه كافة دول العالم، مؤكدة على أن حماية البيئة وتنميتها باتت من أهم الحقوق الأساسية التي سعت الدول إلى تدعيمها وترسيخها في إطار بمبدأ المشروعية وسيادة القانون.
وأكدت وزيرة البيئة أن رئاسة مصر لمؤتمر المناخ تحت شعار “معًا للتنفيذ” كانت فرصة هامة لإعلاء الصوت الأفريقي بشأن قضايا التغيرات المناخية وتأثيرها على القارة وشعوبنا، فى ظل المرحلة التي وصلت إليها القارة من مخاطر واضحة للجميع والتى تتطلب معها موقفًا حاسما والوصول إلى قرارات جادة بشأن مطالبنا العادلة، وكذا إبراز التحديات التي تواجهنا لمواجهة هذه الظاهرة.
وأضافت أن ذلك ما عملت عليه مصر جاهدة أثناء فعاليات المؤتمر حيث وضعت العالم أجمع أمام مسئوليته للعمل على تذليل هذه التحديات ومعاونة الدول الأفريقية في تنفيذ جهودها لمجابهة هذه الظاهرة وحماية شعوبنا من المخاطر الناجمة عنها، والعمل الجاد على حشد الجهود لإيجاد التمويل اللازم لها، وإطلاق العديد من المبادرات التي تعمل على تحقيق هذة الرؤي ومن أهمها “دليل شرم الشيخ للتمويل العادل، ومبادرة الأمن الغذائي من أجل التمويل المستدام، والمبادرة الخاصة بدعم المرأة الأفريقية من أجل الصمود أمام آثار تغير المناخ، ومبادرة الإنتقال العادل للطاقة فى القارة الإفريقية، ومبادرة تدوير المخلفات 50% بحلول عام 2050 للدول الأفريقية وكلها كانت تركز على القارة السمراء.
وأشارت وزيرة البيئة إلى خروج المؤتمر بعدة مكاسب على المستوى الأفريقي بجانب المبادرات والتى كانت على أجندة القيادة السياسية فى أفريقيا ومن أهمها إدراج بند الخسائر والأضرار في أجندة المؤتمر والذي كان يُرفض إدراجه خلال المؤتمرات السابقة على مدى 30 عاما، وخروج أول صندوق للخسائر والأضرار هو إنجاز حقيقي لنا جميعا سواء جمهورية مصر العربية من خلال رئاستها لهذا المؤتمر أو القارة الإفريقية التى شهدت استضافة هذا المؤتمر.
وأعربت عن أمل الجميع أن تكون هذه الخطوة اللبنة الأولى للعمل على إيجاد تمويل واضح للدول الأفريقية خاصة أن هذا التمويل يعد من أهم التحديات التى تواجه دول القارة لاستكمال جهودها لمجابهة هذه الظاهرة، مشيرة أيضا إلى النجاح في الحصول على دعم مالي تم تقديمه من الولايات المتحدة الأمريكية والجانب الأوروبي بمبلغ ۱۵۰ مليون دولار لإقامة مشروعات للقارة الإفريقية لاستخدامها فى التكيف مع آثار تغير المناخ، كما قامت مصر بإستضافة وحدة إدارة المبادرة بالقاهرة، فضلاً عن إلتزامنا بحشد أكثر من ۱۰۰ مليون دولار للدول الأقل نموا فى القارة الإفريقية.
وأكدت وزيرة البيئة أن القضاء الإداري له دور كبير في مجال حماية البيئة والموارد الطبيعية، مشيرة أن قضاء مجلس الدولة بمصر كان له دور هام في الجهود المبذولة لحماية البيئة من خلال الأحكام والمبادئ القضائية التي صدرت عنه في هذا المجال.
ولفتت النظر إلى أنه فى ظل المستجدات التي يشهدها العالم لاسيما من الناحية القانونية، وظهور مصطلحات وقواعد قانونية جديدة على المستوى الدولي خاصة في مجال القانون الدولي البيئي والمناخي، فإنه يتعين علينا أن مواكبة هذا التطور، وهي خطوة هامة تقوم بها حاليا في مصر.
وشددت على أن الدول الإفريقية في حاجة لتضافر الجهود وتبادل الرؤى والأفكار القانونية التي تساعدنا على تحديث تشريعاتنا الوطنية البيئية لتتواكب مع هذا التطور والمستجدات الدولية، مضيفة أن ذلك يتطلب وجود مبادئ قضائية تكون ركائز أساسية في هذه المجالات لتدعم مواقف دولنا وسياساتها تجاه قضايا البيئة بشكل عام وقضية تغير المناخ بشكل خاص، ولا جدال أن القضاء سيلعب دور هام في هذا الشأن.
واختتمت وزيرة البيئة كلمتها بأن حماية البيئة وتنميتها ومواجهة الآثار المحتملة للتغيرات المناخية مسئولية الجميع، وتتطلب تضافر كافة جهود المؤسسات الدولية والوطنية من أجل السيطرة عليها لضمان سلامة البيئة وتنميتها وحماية المواطنين وتعظيم الحق في العيش في بيئة سليمة، مؤكدة على أن شعوب قارتنا تتطلع إلى المزيد من العمل وتضافر الجهود من أجل تحقيق غايتها المأمولة بشأن رفاهيتها والعيش في بيئة صحية آمنة، ومعربة عن أملها في خروج هذا الملتقي القضائي العريق بتوصيات ورؤى تساعد دول وشعوب القارة على تحقيق هذه الأهداف.
من جانبه، أوضح عادل فهيم، رئيس مجلس الدولة ورئيس اتحاد مجالس الدولة والمحاكم العاليا الأفريقية، أن ورشة العمل تعد فرصة ثرية لمناقشات قضايا البيئة والمناخ وفتح آفاق أوسع للحوار وتبادل الخبرات، نظراً لكون القضايا البيئة وخاصة التغيرات المناخية من أهم القضايا على الساحة الدولية والتى تتضمن أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية على الصعيدين الدولى والإقليمى والمحلى.
ولفت إلى صدور العديد من الاتفاقيات الدولية فى النصف الثانى من القرن الـ٢٠ لمعالجة العديد من القضايا التى تتعلق بالحفاظ على البيئة من التلوث، ومضيفاً أنه على الرغم من النجاح الملموس لتلك الأدوات القانونية الدولية إلا أن معالجة قضايا البيئة تظل قاصرة وغير مواكبة للتقدم التكنولوجى الهائل، وهو ما جعل هناك اهتمام بهذه القضية ودفع إلى عقد العديد من المؤتمرات الخاصة بالتغيرات المناخية والتى أفرزت العديد من الاتفاقيات الدولية.
وأضاف رئيس مجلس الدولة أن الإتفاقيات الدولية توقع مسئوليات على عاتق الدولة الموقعة عليها والتى تتولى من خلال أجهزتها التشريعية والتنفيذية سن التشريعات المختلفة لتحقيق هذه الأهداف، ويتمتع دور القاضى الإدارى فى قضايا البيئة بشكل كبير من الخصوصية، ليكون له دورا إيجابيا فى تحقيق التوازن بين مقتضيات الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجى وغيرها من المسائل محل الإعتبار، مشددا أن ذلك ييتطلب من القاضى أن يكون مطلعاً واسع الثقافة والمعرفة مدركاً لأهداف التشريعات ذات الأثر البيئى وفلسفتها.
وأشار إلى أنه كان لمجلس الدولة نصيباً كبيراً فى التعرض لأشكال التشريعات الخاصة بالبيئة، من خلال أقسامة الثلاثة التشريع والفتوى والقضايا، كما كان لمجلس الدولة دوراً أساسياً فى صياغة التشريعات الخاصة بالبيئة، والفصل فى النزاعات الإدارية التى تتصل بهذا النوع من القواني.