التنمية المحلية: قضية التغيرات المناخية تفرض نفسها محليا وعالميا
قال اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، إن قضية المناخ أصبحت تفرض نفسها على الساحتين الدولية والوطنية، لما لها من تأثيرات مباشرة على كافة مناحي الحياة وسبل كسب العيش وفرص التنمية.
وأشار الوزير إلى إن القيادة السياسية بادرت بوضعها على رأس أولويات الدولة المصرية خلال المرحلة المقبلة، وكلف الرئيس عبدالفتاح السيسي، الحكومة نحو تبني الآليات المؤسسية والاستراتيجية المناسبة لمواجهة والحد من الآثار الخاصة بالتغيرات المناخية والتكيف مع تغير المناخ.
جاء ذلك في كلمة وزير التنمية المحلية، التي وجهها اليوم الخميس، للملتقى السنوي للمسئولية المجتمعية والتنمية المستدامة في دورته الثانية عشر بمحافظة الأقصر وذلك بحضور عدد من الوزراء والمحافظين وعدد كبير من قيادات قطاع المسؤولية المجتمعية بكبريات المؤسسات الاقتصادية المصرية والخبراء المصريين والأجانب وشركاء التنمية الدوليين وممثلي القطاع الخاص ورموز العمل التنموي في مصر خلال الفترة 10 – 13 مارس.
وأعرب وزير التنمية المحلية عن تقديره للهيئات المشاركة في تنظيم المنتدى واختيارها لموضوعه وهو “التطوير المؤسسي وبناء القدرات المحرك الرئيسي لتطبيق معايير الاستدامة” وتركيزها في النسخة الحالية للمنتدى على قضايا التغير المناخي والجهود الوطنية لمواجهتها والتكيف مع آثارها والتحول التدريجي نحو تبني أجندة وطنية شاملة مستجيبة للمناخ، وهي الأجندة التي يتكاتف في تنفيذها كافة أطراف العمل التنموي في الحكومة والقطاع الخاص والمؤسسات المصرفية والمالية والمجتمع المدني.
وأضاف اللواء محمود شعراوي أن الحكومة بادرت أيضًا بتأسيس المجلس الوطني للتغيرات المناخية برئاسة رئيس مجلس الوزراء، واستحدثت عدد من الآليات التنفيذية والفنية المنبثقة عن المجلس للتنسيق بين كافة الجهات المعنية، وجاري الآن تحديث الاستراتيجية الوطنية للمناخ والتي ستحدد المستهدفات والغايات المرجو تحقيقها خلال المرحلة المقبلة، فضلا عن أنه جاري العمل على إصدار الاستراتيجية الوطنية لكربون أقل، واستراتيجية التعافي الأخضر التي تعد الوجه الآخر للاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية، والتي ستوجه جزء من استثمارات الدولة في القطاعات المختلفة لمواجهة تغير المناخ.
وأشار وزير التنمية المحلية إلى أن جهود مصر المخلصة في قضية المناخ توجت بدعم دول العالم للطلب المصري باستضافة قمة المناخ السابعة والعشرين COP 27، في مدينة شرم الشيخ خلال نوفمبر القادم، وهو ما يكشف بوضوح عن حجم التأثير الذي تمثله الدولة المصرية وقيادتها السياسية في هذا الملف الذي سيحدد مصير العالم، ويؤكد ريادة مصر في تبنيها لقضايا التنمية في المحيطين العربي والأفريقي وسعيها نحو تحقيق التوازن المطلوب بين مستهدفات الرؤية العالمية للمناخ والحاجة لخفض الانبعاثات الكربونية من جانب والتطلعات التنموية المشروعة لشعوب المنطقة من جانب آخر .
وأوضح “شعراوي” أن رعاية وزارة التنمية المحلية لهذا المنتدى يتسق مع ما توليه الوزارة من اهتمام بقضايا المناخ وقناعتها بأهمية البعد المؤسسي و بناء القدرات في تحقيق التنمية المستدامة، ويعد عمل الوزارة في هذا الملف جزء من برنامج عمل الحكومة المصرية الشامل المرتبط بالحد من الانبعاثات الكربونية وتحفيز النمو الأخضر ودعم الاستثمار المسئول بيئيًا واجتماعيًا، وتعظيم قيمة الاستثمارات الحكومية الخضراء ضمن هيكل الإنفاق الحكومي، وتوفير بيئة ممكنة وداعمة لمؤسسات الأعمال والقطاع الخاص لتتبني المشروعات منخفضة الانبعاثات الكربونية والاستثمار في قطاعات المشروعات الخضراء ، بالإضافة إلي التعاون مع منظمات العمل الأهلي والمجموعات الشبابية لتنفيذ مبادرات مجتمعية محلية تهدف لدعم جهود الدولة في مواجهة التغيرات المناخية والتكيف مع تأثيراتها السلبية.
وقال شعراوي إن وزارة التنمية المحلية تلعب أدوارا تنسيقية وإشرافيه وتنفيذية في هذا الاتجاه، وتهدف هذه الأدوار المتكاملة إلى “توطين” الاسترتيجيات والسياسات الوطنية للتنمية المستدامة على مستوى وحدات الادارات المحلية في المحافظات والمراكز والأحياء والقري والمدن.
وأوضح وزير التنمية المحلية أنه على الصعيد التنفيذي، فقد بدأت وزارة التنمية المحلية منذ العام المالي 2018/2019 تنفيذ برنامج وطني طموح بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسي وبالتعاون مع وزارات التخطيط والبيئة والإنتاج الحربي لوضع منظومة متطورة لإدارة المخلفات البلدية الصلبة والتي كانت تمثل أحد أهم ملامح المشكلات البيئية وثيقة الصلة بالانبعاثات الكربونية ورفع درجة حرارة الأرض، حيث يستهدف هذا البرنامج استثمار حوالي 30 مليار جنيه لدعم البنية الأساسية اللازمة لإدارة المخلفات البلدية وعمليات التشغيل وبعض البرامج المرتبطة بتحسين البيئة وجودة الهواء وتقليل مخاطر للمخلفات الصلبة علي البيئة والمناخ.
وتابع الوزير: “وقد جاء صدور قانون تنظيم إدارة المخلفات الصلبة ولائحته التنفيذية وما تضمنه من دور لوزارة التنمية المحلية والمحافظات، بمثابة نقلة مهمة في جهود التعامل مع مشكلة المخلفات البلدية والمخلفات الخطرة والتعامل معها بصورة تتوافق مع سياسات مواجهة المتغيرات المناخية ، وقد بدأت الوزارة في تنفيذ التزاماتها الواردة في القانون ولائحته التنفيذية”.
وأشار اللواء محمود شعراوي إلى إنه لا يقتصر دور الوزارة والمحافظات التنفيذي بالتعاون في تنفيذ منظومة المخلفات فقط ، بل يتخطاه لتنفيذ حزمة من المشروعات ضمن برامج الإدارة المحلية وبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر والمرحلة التمهيدية لمبادرة حياة كريمة وما سبقها من برامج الاستهداف الجغرافي للفقر واشرافها على تحويل كافة أتوبيسات هيئتي النقل العام بالقاهرة والإسكندرية، لتعمل بالغاز الطبيعي والطاقة الكهربائية، مشيرًا إلى ان كل تلك مشروعات كانت تراعي الجوانب البيئية وتحرص على تبني نمط يقلل من الانبعاثات الكربونية، سواء من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة أو تقليل استهلاك الطاقة أو تطوير منظومة الطرق المحلية والنقل لتصبح منظومة صديقة للبيئة، بالإضافة إلى مساهمتها في تنفيذ مشروعات البنية الأساسية لقطاع مياه الشرب والصرف الصحي والتي تهدف للقضاء على أحد أهم مصادر التلوث البيئي.
وقال شعراوي إن الوزارة استطاعت من خلال برنامج التنمية المحلية في صعيد مصر من تطبيق عدد من الممارسات المهمة المتعلقة بمراعاة ودمج الجوانب البيئية والاجتماعية في مشروعات التنمية، وتم تبني هذه الممارسات في الخطط الاستثمارية للمحافظات بإلإضافة إلى الدور الذي تلعبه الوزارة في مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي “حياة كريمة” والتي تستهدف حوالي 60% من الشعب المصري والتي وضعت الاعتبارات على رأس أولوياتها الاعتبارات البيئية والاجتماعية ووضع خطط التخفيف المناسبة أثناء مرحلة تصميم المشروعات، ثم مراقبة التزام المقاولين وجهات التنفيذ بالجوانب البيئية وادارة المخاطر الاجتماعية أثناء مرحلة تنفيذ وتشغيل المشروعات.
وأوضح وزير التنمية المحلية أن الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا بدعم الحرف التراثية والبيئية واليدوية والتكتلات الاقتصادية وسلاسل القيمة التي تعتمد على الإنتاج الأخضر، وهذا الاهتمام يشمل دعم أصحاب هذه الحرف بالمعرفة العلمية والمعونة الفنية والتكنولوجية، وتقديم التمويل من خلال صندوق التنمية المحلية وبرنامج مشروعك، إضافة إلى المساعدة في التسويق من خلال المعارض التقليدية داخل وخارج مصر أو من خلال المنصات الرقمية ومن بينها منصة أيادي مصر التي تم أطلقتها الوزارة في إطار تعاون الوزارة مع برنامج الأغذية العالمي.
وأكد الوزير أن دور القطاع الخاص والمجتمع المدني والمؤسسات المصرفية لا يقل أهمية عن الدور الحكومي في تنفيذ استراتيجيات الحد من التغيرات المناخية والتكيف معها، وهو الدور الذي تلعبه هذه المؤسسات الوطنية من خلال مسئوليتها المجتمعية التي تدعم جهود الدولة في كافة المجالات ، وانتهز هذه الفرصة لأحيي المؤسسات المصرفية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني التي تزايد اهتمامها بتبني المبادئ والمعايير الدولية المحققة للاستدامة والتي تتعامل مع المخاطر الاجتماعية والبيئية لتمويل المشاريع.
كما وجه وزير التنمية المحلية التحية إلى هيئة الرقابة المالية على الخطوات التي اتخذتها لدعم التزام الشركات بالقضايا البيئية والاجتماعية ، حيث ألزمت الشركات المدرجة بالبورصة المصرية، بالإضافة للشركات الخاضعة لرقابة الهيئة في كافة الأنشطة المالية غير المصرفية بتقديم تقارير دورية للافصاحات البيئية و المجتمعية والحوكمة ذات صلة بالاستدامة والمعايير المتعلقة بالتغير المناخي ، وهي خطوة سيكون لها مردود جيد على دور القطاع الخاص في تنفيذ مبادرات المناخ .
وأشاد وزير التنمية المحلية بالمبادرات التنموية التي يتم إطلاقها عَلِي هامش الملتقي والتي تنفذها مؤسسة صناع الخير للتنمية بالشراكة مع عدد من البنوك ومؤسسات القطاع الخاص الوطنية ، مؤكداً عَلِي أن الوزارة تحرص عَلِي تقديم كل سبل الدعم لهذه المبادرات .
كما أشاد اللواء محمود شعراوي بنوعية وطبيعة المبادرات التي يتم تنفيذها من خلال مؤسسة صناع الخبر سواء الجارية بالفعل في قريتين من قري الوادي الجديد أو التي سيتم إطلاقها في هذا الملتقى وتشمل إعمار ١٤ قرية بغرب أسوان والأقصر وتقديم الدعم للحرف التراثية وتوزيع مراكب الصيد المزودة بمواتير عَلِي الصياديين وتسيير قوافل طبية للكشف والعلاج والعمليات الجراحية ، كما تتضمن تنفيذ برنامج شامل للرعاية الصحية لأطفال المدارس في مراكز الوقف بالكامل.
وفي ختام كلمته أكد الوزير على تثمين ودعم وزارة التنمية المحلية للمبادرات التنموية التي سيتم إطلاقها في إطار الملتقى، حيث تلعب هذه المبادرات التي يتم تنفيذها بالشراكة بين المنظمات الأهلية والقطاع الخاص دورا محوريا في تحسين حياة المواطنين وتوفير سبل الحياة الكريمة التي نادت بها القيادة السياسية وجعلتها عنوانا للجمهورية الجديدة.
ويهدف الملتقى إلى دعم مجهودات الدولة لتوفير حياة كريمة للمواطن المصري بأقاليم مصر كافة والعمل على خلق شراكات فعالة توفر التمويل اللازم للإسراع بتوطين أهداف التنمية المستدامة وخلق ميزة تنافسية للمحافظات المصرية لجعل الاقتصاد المصري أكثر مرونة وإنتاجية.
ويخصص الملتقى هذا العام يوما كاملا للمجتمع المدني لنقل التجارب والخبرات للعالم من خلال عرض مساهمات منظمات المجتمع المدني المصري لتحسين جودة حياة المواطن المصري والعمل على دمج وتمكين الشباب والمرأة ودعم المشروعات متناهية الصغر ويأتي هذا اليوم في إطار عام 2022 الذي جعله الرئيس السيسي عام المجتمع المدني المصري.