بقلم: نور الزيني
مدير عام الاتصال المؤسسى والمسئولية الاجتماعية ببنك قناة السويس
تشهد مصر الآن مرحلة بناء دقيقة وقوية لاقتصادها الوطنى، مما يتطلب تضافر وتكامل جميع جهود القطاعات الوطنية الرسمية والخاصة إلى جانب مؤسسات المجتمع المدنى لتحقيق التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
وقد يتساءل البعض لماذا تهتم المؤسسات بتبنى برامج المسئولية الاجتماعية، لأن هناك مكاسب مشتركة للمجتمع وللمؤسسة، منها دعم ورفع المستوى العام للمجتمع وتنميته وكذلك البيئة المحيطة للمؤسسة وهناك فوائد تنعكس على المؤسسة مثل تحسين سمعة ومكانة المؤسسة وخلق الثقة بمنتجاتها وخدماتها وخلق ميزة تنافسية لها وزيادة قدرة المؤسسة على اجتذاب عاملين يتمتعون بمهارات عالية وتقلل من مواجهة المؤسسة للمخاطر وقت الأزمات وقد ذكرت احد التقارير إلى أن المؤسسات التى تطبق مفهوم المسئولية الاجتماعية يزيد معدل الربحية فيها إلى 18 % عن تلك التى ليس لها برامج فى المسئولية الاجتماعية وفقاً لكتاب المسئولية الاجتماعية للشركات والمنظمات- المواصفة القياسية ISO 26000، كما أشار أحد المقالات المنشورة، إلى أن 92% من المستهلكين لديهم صورة أكثر إيجابية للمؤسسات التى تدعم القضايا الاجتماعية والجهود البيئية.
وأشارت الدراسات التى قامت بها منظمة تسخير الأعمال التجارية فى أمريكا، إلى أن مؤسسات القطاع الخاص التى توازن بين مصالحها ومصالح حاملى الأسهم، حققت معدلات نمو، ومعدلات خلق فرص عمل للعمالة الماهرة تفوق المؤسسات الأخرى بنسبة 4 أضعاف.
ويتبادر لذهن رؤساء المؤسسات بشكل خاص سؤال مهم، وهو هل يمكن قياس أثر تبنى المؤسسة لبرامج المسئولية الاجتماعية للشركات على الأداء المالى والربحية للمؤسسات؟
لا توجد إجابة قاطعة.. ولكن يمكننا اجراء أبحاث على عينة من المجتمع لمعرفة أثر البرامج الاجتماعية التى تطبقها المؤسسة، ومعرفة انطباع ومدى تأثير تلك البرامج على الجمهور والمجتمع، وثقتهم فى المؤسسة ومنتجاتها وخدماتها وكذلك استقصاء آراء العاملين.
وحتى تنجح الشركات في تطبيق المسئولية الاجتماعية لها، هناك العديد من العوامل الرئيسية التى يجب التخطيط والإعداد لها قبل الشروع فى إطلاق هذه البرامج، منها ضرورة إيمان المؤسسة وكل من يعمل فيها بأهمية دورها فى المسئولية الاجتماعية نحو المجتمع.
كما يجب أن تقوم المؤسسة بتحديد رؤية واضحة نحو الدور الاجتماعى الذى تريد أن تتبناه، والقضية الرئيسية التى ستهتم بالعمل على المساهمة فى معالجتها، والتى يجب أن تكون مرتبطة بأهداف التنمية المستدامة الـ17 وتأخذ فى الاعتبار ظروف المجتمع والتحديات التى تواجهه مثل القيام بعمليات التوظيف والتدريب والتعليم و رفع القدرات البشرية، وتمكين الشباب والمرأة ورفع قدراتهم ومهاراتهم بما يؤهلهم للمشاركة في عملية التنمية المستدامة، ومساندة الفئات الأكثر احتياجًا اجتماعياً واقتصادياً وتبنى برامج للبيئة والصحة… إلخ.
وتبدأ تلك البرامج من تبنى المؤسسة لمفهوم المسئولية الاجتماعية للعاملين وأسرهم أولاً داخل المؤسسة، ثم تتوجه إلى خارجها لدعم المجتمع، وتكمن المهمة فى تقديم الخدمات لهم، ومنها توفير الحماية الاجتماعية والرعاية الصحية والتدريب ومناخ العمل وفرص الترقى وحقوق المرأة وذوى الاحتياجات الخاصة والتنوع.
كما يجب أن يكون نشاط المسئولية الاجتماعية جزءاً رئيسياً من أنشطة المؤسسة، وأن تخصص لها إدارة، ويتم تحديد الأهداف والمخططات المطلوب إنجازها لها ومتابعتها شأنها شان الأنشطة التجارية، وأن تكون الانطلاقة من خلال أهداف صغيرة تتعاظم بمرور الوقت لتحقق المشاريع والبرامج التنموية الكبيرة، كما يجب الحرص على أن تسعى هذه البرامج الاجتماعية، نحو التعاون والتنسيق مع ما هو موجود من برامج وأنشطة مشابهة في المجتمع و الشراكة مع شركات أخرى فيما هو قائم بالفعل، وكل مؤسسة مهما كان حجمها، فهى قادرة على تقديم الدعم المجتمعى بصورة نقدية أو عينية.
ليس المهم قيمة المساهمة الاجتماعية التي تقدم، بل الأهم أن يتكاتف الجميع لتقديم انشطة تتكامل مع بعضها البعض، ويستفيد منها المجتمع مهما كان حجمها أو قيمتها، ولو أن كل واحد منا تبنى شخصاً واحداً آخر، وعلمه، سنصبح مجتمعاً خالياً من الأمية، لأن الجهل والفقر هما أساس عدم تقدم أى مجتمع، وعندما تتضافر وتتكامل جهود القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى ومؤسسات الدولة، وتأخذ خطوات تم تنسيقها، تتحقق اهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.