شن عدد من نواب البرلمان البريطاني، والاطباء والمنظمات الصحية المعنية بمكافحة التدخين هجوما على التقرير الأخير الصادر من منظمة الصحة العالمية الذي تدعو فيه إلى منع إتاحة السجائر الإلكترونية، مؤكدين أن المنظمة بنت تقريرها على ادلة علمية محرفة ليتناسب مع استنتاجها المحدد مسبقا بحظر هذه المنتجات أو لوضع قوانين صارمة بشأن تنظيمها ومعاملتها بنفس قوانين السجائر التقليدية الأكثر خطورة.
من جانبها أعلنت منظمة “مناصرة الصحة العامة” ومقرها الفلبين، رفضها للتقرير قائلة: إن المنظمة تقف عائقا أمام التقدم الكبير الذي تم إحرازه في مجال الصحة العامة على مدى العقدين الماضيين بشأن تحول المدخنين إلى المنتجات الخالية من الدخان، فيما أكد الدكتور لورينزو ماتا جونيور، رئيس منظمة (الإقلاع للأبد)، على أن الكثير من الأدلة العلمية أثبتت أن البدائل الخالية من الدخان مثل السجائر الإلكترونية والتبغ المسخن وتبغ المضغ ساعدت الملايين من المدخنين في دول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة واليابان والسويد على الإقلاع بنجاح. مستنكرا استمرار منظمة الصحة العالمية في رفضها للسجائر الإلكترونية رغم كل هذه الأدلة.
بالإضافة إلى ذلك، قدمت منظمة الصحة العالمية بيانات تشير إلى أن السوق العالمية للسجائر الإلكترونية شهدت نمواً من 7.806 مليار دولار في عام 2015 إلى 22.349 مليون دولار في عام 2022. وبين عامي 2018 و2022، حدث نمواً كبيراً في سوق السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة بنسبة 116 %، ليشمل أكثر من 550 ألف منتج مختلف.
وأضاف الدكتور “ماتا” إن تشخيص منظمة الصحة العالمية للوضع معيب، لأنها فشلت في الاعتراف بالانخفاض الكبير في التعرض للمواد الضارة الناتج عن تحول المدخنين إلى السجائر الإلكترونية وغيرها من البدائل الخالية من الدخان، أو حقيقة أن المنتجات الخالية من الدخان تعمل بشكل أفضل لكثير من المدخنين عن العلاجات التقليدية للإقلاع عن التدخين، وقال: “السجائر الإلكترونية لا تهدد الصحة العامة بل توفر للمدخنين مخرجًا آمناً للإقلاع، وتصنيف هذه المنتجات المبتكرة على أنها تهديد جديد للصحة العامة أمر مثير للقلق، فالحديث عن أن الاستمرار في التدخين التقليدي أفضل من التحول إلى التدخين الإليكتروني “خطأ واضح”، مشيراً إلى أن العديد من البلاد، بما في ذلك الفلبين، اختارت تبني الأدلة العلمية وتنظيم استخدام المنتجات المبتكرة الخالية من الدخان مثل السجائر الإلكترونية لتزويد المدخنين بخيارات أفضل للإقلاع عن التدخين.
فيما قالت أندريا ليدسوم، عضو البرلمان ووكيلة وزارة الصحة بالمملكة المتحدة:”ستكون هناك مناقشات حول التقدم المحرز في مجال مكافحة التبغ خلال مؤتمر الأطراف العاشر، من المؤكد أن بريطانيا تمثل استثناءً فيما يتعلق بمسألة السجائر الإلكترونية وسنواصل موقفنا بأنها تمثل أداة مهمة في مساعدة البالغين على التوقف عن التدخين، فالاولوية لمساعدة وحماية مواطنينا من مخاطر التدخين. بريطانيا لديها نهج رائد عالميًا للحد من أضرار التبغ والنيكوتين وستواصل القيام بذلك”
أما أندرو لوير، عضو البرلمان البريطاني عن حزب المحافظين بالجنوب، فقال نحن نعلم أن منظمة الصحة العالمية لديها نهج متشكك تجاه المنتجات منخفضة المخاطر، بما في ذلك السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المسخن وأكياس النيكوتين، معتقدة أن هذه المنتجات تمثل خطرًا على الصحة”. وذلك على عكس النهج الذي تتبعه المملكة المتحدة في مكافحة التبغ، والتي تمثل مكانة رائدة على المستوى الدولي.
وأكدت منظمة (الإقلاع للأبد)، على أن البلاد التي حظرت السجائر الإلكترونية لم تنجح في القضاء على التدخين الإلكتروني، بل خلقت عن غير قصد سوقًا سرية غير منظمة تشكل مخاطر على الصحة العامة بسبب غياب المعايير التنظيمية. مطالبة حكومات الدول بضرورة تنظيم تداول هذه المنتجات الحديثة.
وفي تعليقه على تقرير مماثل لمنظمة الصحة العالمية كان قد نُشر في وقت سابق، قال البروفيسور بيتر هاجيك، مدير وحدة أبحاث الاعتماد على التبغ في جامعة كوين ماري بلندن: “بالنظر إلى الفوائد الهائلة التي سيجلبها هذا التحول للصحة العامة، فمن الغريب أن منظمة الصحة العالمية قد تبنت هذا الموقف المناهض لتدخين السجائر الإلكترونية والذي يخاطر بعرقلة هذا التقدم. حيث يدعو التقرير الجديد إلى فرض حظر على البدائل الأقل خطورة في حين يتم السماح ببيع التبغ بحرية. هذا التقرير يحرف الأدلة ويجب أن يأتي مع تحذير صحي بارز.”
فيما أكد البروفيسور جون بريتون، الأستاذ الفخري لعلم الأوبئة في جامعة نوتنغهام، أن منظمة الصحة العالمية لا تزال تفشل في التمييز بين إدمان تدخين التبغ، الذي يؤدي إلى ملايين الوفيات سنويا، وإدمان النيكوتين، الذي لا يفعل ذلك.