كيف تصبح شهادات الكربون أداة جذب للاستثمار الأجنبي ؟

ناقشت الجلسة الثالثة من القمة السنوية لأسواق المال، والتى عقدت تحت عنوان «أسواق الكربون فرص واعدة للاستثمار»، كيف ستساهم أسواق الكربون فى جذب استثمارات أجنبية لمصر، وما العوائق أمام تداول شهادات الكربون والوقود الأخضر بديل جديد نظيف.

أدار الجلسة منال حسن مستشار مجلس إدارة جمعية شابتر زيرو إيجيبت والرئيس التنفيذى للاستدامة، بشركة السويدى إليكتريك، بحضور أحمد رشدى رئيس المركز الإقليمى للتمويل المستدام، ومصطفى خيرت الرئيس التنفيذى لشركة بريق لإعادة تدوير منتجات البلاستيك، ومحمد سليم مدير إدارة البحوث فى البورصة المصرية.

قال أحمد رشدى رئيس المركز الإقليمى للتمويل المستدام، إن مساهمة مصر فى الانبعاثات الكربونية تتراوح بين 1% و4% من نسبة الانبعاثات على مستوى القارة الإفريقية، لكنها الأكثر تأثرًا بالتغير المناخى، وتحتاج إلى بذل مجهود من القائمين لتقليل معدلات الانبعاثات خلال الفترة المقبلة.

أضاف، أن مصر بها نوعان من أسواق الكربون؛ الأول هو سوق الكربون الإلزامى، والثانى سوق الكربون الطوعى، وما نحن بصدده الآن هو سوق الكربون الطوعى الذى يتم تعريفة بأنه يتم تنظيمه من إحدى الهيئات والجهات الحكومية.

تابع «حتى الآن لا توجد جهة رقابية قادرة على وضع القرارات أو القواعد المنظمة للسوق سواء فيما يتعلق بقيد شهادات الانبعاثات الكربونية أو الموافقة على المشروعات التى يتم إصدار شهادات كربونية لها أو حتى الموافقة على سجلات الكربون الطوعية».

معدلات الفائدة الحالية تعيق نمو الشركات

وأوضح أنه يتم إصدار الشهادات وفقا لنسبة الخفض وإيداعها باسم الشركة المخفضة للانبعاثات فى سوق الكربون الطوعى.

أضاف رئيس المركز الإقليمى للتمويل المستدام، أنه جارٍ العمل على الشركات المصرية المهتمة بأن تصبح جهات تحقق ومصادقة وفقًا للمعايير الدولية، مشيرًا إلى أنه تم تسجيل 3 جهات فى هذا الشأن، من بينها جهتان مصريتان، وتم الاشتراط على الجهة الأجنبية أن يكون لديها خبير مصرى لينقل الخبرة إلى المصريين.

أوضح، أن إصدار شهادة الكربون الطوعى تمر بعدة مراحل، مع العلم أن مدة إصدار الشهادة تستغرق من عام ونصف العام إلى عامين، ولا يوجد أى إمكانية لإصدار الشهادة فى أقل من تلك المدة لأنها تبدأ بقياس انبعاثات الكربون لمدة عمل المصنع أو المشروع، ثم يتم تقديم مقترح ليكون أحد المنهجيات المعترف بها دوليًا فى سجلات الكربون الطوعية.

دعا إلى تأسيس شركة مستقلة تؤكد مصداقية المستندات المقدمة من الشركة الراغبة فى الحصول على شهادة الكربون حتى تقوم بمراجعتها وبعد فترة تقوم جهة التحقق بإعادة قياس الانبعاثات الكربونية لكى يتأكد من تحقيق المقترح ومن ثم إصدار الشهادات.

وشهادات الكربون هى أوراق مالية قابلة للتداول فى البورصة المصرية، وتسهم الشهادة فى خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحرارى، وتوفير تمويل للنمو الأخضر والمستدام.

وتنقسم أسواق الكربون إلى أسواق إلزامية وأخرى طوعية؛ الأولى تكون فيها الشركات ملزمة بشراء أرصدة الكربون عندما تزيد انبعاثاتها عن حد معين من خلال تصاريح تصدر من الحكومات.

أما أسواق الكربون الطوعية فإنها اختيارية وتسمح للشركات التى تخطط للحياد الكربونى بأن تحقق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

بينما ضريبة الكربون فهى واحدة من العقوبات التى فرضها الاتحاد الأوروبى وبدأ تطبيقها على الشركات المصدرة بشكل غير إلزامى لتخفيض نسبة الانبعاثات الكربونية على أن تدخل حيز التنفيذ بشكل كامل فى عام 2026.

قال محمد سليم، مدير إدارة البحوث فى البورصة المصرية، إن أهم معايير كفاءة أسواق المال هو تنوع الأدوات المالية المتاحة من سندات وأذون خزانة وأسهم بالإضافة إلى شهادات الكربون، حيث إن شهادات الكربون هى أداة مالية جديدة يمكن أن تجذب المستثمرين.

وأضاف أنه من فوائد شهادات الكربون للسوق المصرى، توسيع نطاق السوق وجذب المزيد من المستثمرين، بالإضافة إلى زيادة قدرة الشركات على تقييم مخاطرها، وتوفير إطار واضح لتقييم الشركات والأسهم.

وأكد أنه يجب جعل السوق أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب وتعزيز التنوع فى محافظ المستثمرين.

ويتم تداول شهادات الكربون من خلال منصة تداول منظمة، وتخضع شهادات الكربون لقواعد خاصة بالأوراق المالية، بالإضافة إلى تحديد سعر شهادات الكربون من خلال مزاد، ويتم تسوية عمليات التداول من خلال شركات التسوية التابعة للبورصة المصرية.

ويتبعها عدد من الخطوات ومنها تطوير منصة تداول شهادات الكربون، وزيادة الوعى بين المستثمرين حول شهادات الكربون، وجذب المزيد من الشركات لإصدار تلك الشهادات.

قال سليم إن، الهدف من تلك الإجراءات إنشاء سوق كربون فعال فى مصر، والمساعد على تحقيق الأهداف المناخية، وبالتالى، فإن طرح شهادات الكربون يُعد أداة فعالة لمساعدة الشركات على الوفاء بالتزاماتها البيئية، وخفض انبعاثاتها الكربونية، وتمويل مشاريع الاستدامة، وهذا يُسهم فى تحسين كفاءة السوق، وجذب المزيد من المستثمرين، وتعزيز الاستدامة البيئية فى مصر.

وأكد أهمية تقييم المخاطر البيئية والحوكمة فى سوق شهادات الكربون، قائلًا إن “سوق شهادات الكربون يختلف عن الأسواق المالية التقليدية، حيث يتطلب تقييم الشركات على نطاق واسع من أدوات التقييم وتقييم المخاطر، بما فى ذلك التزامات الشركات تجاه الاستدامة والمعايير البيئية والحوكمة”.

وأضاف سليم، أن البورصة تسعى إلى زيادة قدرة الشركات على تقييم مخاطرها، من خلال توفير إطار واضح لتقييم الشركات والأسهم بشكل أفضل، مع الأخذ بعين الاعتبار المخاطر الاستثمارية المرتفعة.

وأشار إلى أن إصدار شهادات الكربون، سواء كانت من قبل شركات مصرية أو أجنبية أو مسجلة أو غير مسجلة، سيفتح المجال أمام مزيد من التقييمات والتحليلات بالسوق، مما يساهم فى تعزيز الشفافية والكفاءة للشركات.

وأضاف «نحن نعمل حاليًا على مؤشر الشريعة الإسلامية لتلبية احتياجات بعض المستثمرين، ومع وجود شهادات الكربون، سيصبح السوق أكثر جاذبية لشريحة كبيرة من المستثمرين فى المحليين والأجانب».

وتابع أن المستثمر يبحث دائمًا عن أكبر قدر من الأمان، وكلما كان التداول فى السوق منظمًا وقواعده واضحة، سيُشجع ذلك على شراء السندات والتنوع فى المحفظة الاستثمارية.

وعن كيفية تداول شهادات الكربون، أوضح سليم “بدأنا بالفعل إطلاق موقع “أفريكا كربونيكس” كإطلاق مبدئى للموقع الإلكترونى لتداول شهادات الكربون، حيث يتم تداولها كأداة مالية تخضع لقواعد الأوراق المالية من حيث القيد والتداول”.

 تفاؤل بمستقبل الاستثمار فى مصر

وتابع أنه يتم تحديد سعر مبدئى لشهادة الكربون بناءً على نوع السجل والمشروع وحجم الانبعاثات.

وأكد أهمية ضمان تنظيم السوق، بحيث لا يتم وضع شهادات الكربون على منصة التداول إلا بعد التأكد من سلامتها من قبل شركة السمسرة وسجل الكربون.

تابع أن الشركات المصرية تتولى عملية تسويق الشهادات، وكل شركة تمتلك حسابات خاصة لشهادات الكربون، وعند وجود شهادات خارجية يتم تحويلها عن طريق شركة خاصة ومن ثم تبدأ عملية التداول.

وأكد أنه يتم التأكد من أن الشهادات تم شراؤها من السوق المصرى، وعند الخروج، يتم إخراج الشهادات من حسابات التسوية وبيعها فى الأسواق الخارجية.

وفى حالة العودة إلى السوق فى حال عدم التوفيق فى البيع، يتم إعادة الشهادات إلى السوق المصرى، وعند عدم التمكن من بيع الشهادات يتم إعدامها.

أوضح أن شهادات الكربون ستكون متوفرة لجميع أنواع المستثمرين خاصة بعد حدوث انفراجة فى الدولار عقب توقيع مصر صفقة رأس الحكمة.

أكد أن شهادات الكربون التى ستُطرح للتداول فى البورصة المصرية ستخضع لضوابط وإجراءات تضمن عدم بيعها بشكل مزدوج فى أسواق أخرى.

وأوضح أن جميع شهادات الكربون التى سيتم تداولها على البورصة المصرية ستكون “محجوزة” مسبقًا، أى أن الشركات المصرية ستكون مسئولة عن تسويقها، وتمتلك الشركة المسئولة عن تسويق شهادات الكربون حسابات خاصة فى البورصة المصرية.

وتابع أنه فى حال وجود شهادات كربون خارجية يرغب أصحابها فى تداولها بالبورصة المصرية، يتم تحويلها إلى حسابات الشركة المخصصة فى البورصة عبر شركة خاصة.

وذكر أنه توجد ضمانات خاصة بالسوق المصرى، ومنها الشهادات كضمان، حيث إن شهادات الكربون التى سيتم تداولها فى البورصة المصرية ستكون بمثابة ضمانة للمتعاملين فى السوق، مما يضمن سلامة وشفافية عملية التداول.

وأضاف أن هناك العديد من الطبقات والقواعد التى تضمن سلامة السوق المصرى، بدءًا من مراقبة الشركات المالية لتقليل المخاطر التى يتحملها المستثمر، وصولًا إلى ضمان أن تكون جميع العمليات فى صالح المستثمر والسوق.

 معنويات مرتفعة للمستثمرين.. وحوافز وفرص جديدة فى الطريق

وأكد محمد سليم أن هناك انفراجة حقيقية فى أزمة الدولار بفضل صفقة رأس الحكمة والحلول المطروحة، بما فى ذلك الاستثمارات المباشرة فى السوق المصرى، وأدى ذلك إلى تدفق العملات الأجنبية إلى مصر، مما ساعد فى حل بعض المشكلات.

وتابع أن مصر تعمل على استضافة المشاريع الموجودة فى القارة الأفريقية، حيث يرى المستثمر الخارجى أن تكلفة الشهادة الخارجية من المشاريع الأفريقية فى مصر ستكون أقل من السعر خارج قارة أفريقيا.

كما ستكون تكلفة خفض الانبعاثات فى مصر أقل من الدول ذات التكلفة العالية، مما يجعل مصر أكثر جاذبية للمستثمرين، ويتميز السوق المصرى بانه سوق منظم ويمنع بيع شهادة بشكل مزدوج.

قال مصطفى خيرت الرئيس التنفيذى لشركة بريق لإعادة تدوير منتجات البلاستيك، إن شهادات الكربون تعد أداة مهمة لتمويل المشروعات الراغبة فى تخفيض الانبعاث الكربونى، خاصة فى القطاعات كثيفة الانبعاثات مثل الحديد والأسمنت.

قال خيرت إنه يمكن معاملة شهادات الكربون كسلعة، حيث يمكن للشركات بيع شهادات الكربون الفائضة عن احتياجاتها لتمويل مشاريع خفض الانبعاثات.

وأضاف أنه فى بعض الحالات، قد لا تكون مشاريع خفض الانبعاثات مجدية اقتصاديًا، لذلك نحتاج إلى أدوات تمويلية مثل القروض الخاصة بالمناخ أو شهادات الكربون.

وأوضح أن البنوك التجارية يمكن أن تلعب دورًا مهمًا فى تمويل مشاريع خفض الانبعاثات من خلال تقديم قروض طويلة الأجل بأسعار فائدة منخفضة.

وذكر أن وجود منصة تداول شهادات الكربون يمكن أن يساعد فى جذب المزيد من الاستثمارات فى مشاريع خفض الانبعاثات.

وتابع : “من خلال العمل مع البنوك التجارية والمنصة الحالية، يمكننا تقليل الاعتماد على التمويل الحكومى ودعم مشاريع خفض الانبعاثات بشكل ذاتى”.

وأشار إلى أن وجود شهادات الكربون سيُساهم فى إقناع البنوك المصرية بإضافة تمويل مشاريع خفض الانبعاثات إلى قائمة منتجاتها، مما سيجعل من السهل على الشركات الحصول على التمويل اللازم.

أكد أن شهادات الكربون أداة مهمة لتمويل مشاريع خفض الانبعاثات وتحقيق أهداف الاستدامة فى مصر على المدى الطويل، وفقًا لمصطفى خيرت.

وقالت منال حسن، مستشار مجلس إدارة جمعية شابتر زيرو إيجيبت والرئيس التنفيذى للاستدامة بشركة السويدى إليكتريك، إنه يوجد الكثير من الحلول المتنوعة المتاحة لتقليل الانبعاثات الكربونية فى مختلف القطاعات، كقطاع الزراعة مما يساهم فى الابتكار بشكل كبير والتحول إلى أنشطة الزراعة المستدامة.

وأشارت إلى أنه يوجد الكثير من رواد الأعمال النشطين فى دفع جهود خفض الانبعاثات، مثل أوبر والتى أحدثت ثورة فى مجال النقل من خلال الترويج للرحلات بالمركبات الكهربائية، حيث قدمت العديد من الشركات حلولًا مرنة لمساحة العمل والتى تقلل من الحاجة إلى المساحات المكتبية التقليدية، مما يؤدى إلى تقليل الانبعاثات المرتبطة بالتنقل.

بالإضافة إلى مساهمة شركات التكنولوجيا المالية من خلال تمكين خدمات الخدمات المصرفية الرقمية التى تقلل من النفايات الورقية واستهلاك الطاقة المرتبطة بالفروع المصرفية المادية.

وذكرت، أن القطاعات المالية تستخدم بشكل متزايد نظام الدرجات فى البيئة والمجتمع والحوكمة لتقييم جهود الانتقال الأخضر للشركات، ومن الأمثلة البارزة على ذلك ضريبة الكربون الحدودية والتى طبقها الاتحاد الأوروبى، حيث تُلزم الشركات التى تستورد البضائع بالإبلاغ عن انبعاثات الكربون المرتبطة بمنتجاتها، تحت مسمى آلية جديدة «تعديل الحدود الضريبية للكربون».

وترى أن ضريبة الكربون تهدف إلى تحفيز الشركات على خفض انبعاثاتها، حيث تلعب هذه السياسات دورًا مهمًا فى تشكيل القرارات التجارية، مما يزيد سعى الشركات نحو تحقيق الامتثال للمعايير البيئية ومتطلبات الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات التى تفرضها الحكومات والهيئات التنظيمية.

تابعت أن العديد من الشركات لابد أن تدرك أن هناك تحديات فى الوصول إلى التمويل الأخضر بسبب عدم استيفائها للمعايير، فيمكن أن تكون التكلفة المرتبطة بتنفيذ استراتيجيات إزالة الكربون كبيرة، مما يشكل حواجز مالية أمام الشركات التى تسعى إلى تحقيق التوازن بين الاستدامة والربحية.