مباحثات حول “تنمية الطفولة المبكرة وتمكين المرأة في سوق العمل”

عقدت الندوة الختامية لسلسلة “بناء الجسور بين الأدلة والسياسات” بالشراكة بين بنك الطعام المصري، ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية وذلك ضمن مبادرة السياسات والاستراتيجيات الوطنية (NPS) التابعة لـ CGIAR، وأقيمت الندوة تحت عنوان “تنمية الطفولة المبكرة.. التغذية وعمالة النساء”.

شهدت الندوة حضورًا رفيع المستوى، تقدمته، الدكتورة هانم عُمر مديرة الإدارة العامة لشؤون الطفل بوزارة التضامن الاجتماعي، إلى جانب عدد من صناع السياسات، والباحثين، والمتخصصين، وممثلي منظمات المجتمع المدني، وشركاء التنمية، بالإضافة إلى عدد من الخبراء المحليين والدوليين المعنيين بقضايا الطفولة المبكرة وتمكين المرأة في سوق العمل.

تأتي هذه الندوة في إطار التزام الشركاء بتطوير سياسات تنموية فعالة ومستندة إلى الأدلة، بالشراكة مع مؤسسات بحثية وتنموية رائدة، وذلك بهدف تسليط الضوء على التحديات والفرص المرتبطة بمرحلة الطفولة المبكرة، وأثرها المباشر على صحة وتعليم الأطفال وجودة حياتهم المستقبلية، بالإضافة إلى تناول الجوانب المرتبطة بمحدودية مشاركة المرأة في سوق العمل. وأكدت النقاشات أهمية الدمج بين البحوث العلمية والممارسات الفعلية للخروج بتوصيات قابلة للتطبيق على أرض الواقع تخدم قضايا الطفولة والتغذية والتعليم وتمكين المرأة، بما ينعكس على مؤشرات التنمية البشرية في مصر.

وقال محسن سرحان، الرئيس التنفيذي لبنك الطعام المصري، إن الندوة تمثل تتويجًا لسلسلة من الحوارات متعددة المحاور التي جمعت بين البحث العلمي وصناع القرار، لتطوير برامج وسياسات تضمن مستقبلاً أفضل للأطفال، وتُعزز التمكين الاقتصادي للمرأة المصرية. وأشار سرحان إلى أن بنك الطعام المصري، من خلال معمل النمو، يواصل جهوده في تصميم وتقييم تدخلات تستند إلى البيانات الدقيقة، بالشراكة مع المؤسسات الوطنية والدولية، لتوجيه الموارد بكفاءة وتحقيق تأثير تنموي ملموس وواسع، بما يتماشى مع استراتيجية البنك التي ترتكز على أربعة محاور رئيسية: الحماية، والوقاية، والتمكين، والارتقاء.

وشدد الدكتور محمد الكرماني، أستاذ مساعد بكلية السياسات العامة بالجامعة الأمريكية ومستشار مختبر الأبحاث ببنك الطعام المصري، على أهمية الدمج بين التحليل البحثي العميق وواقع السياسات التنموية، قائلاً: “إن بناء تدخلات فعالة في مجالي الطفولة المبكرة وتمكين المرأة يتطلب فهمًا دقيقًا للسياق المحلي، وترجمة نتائج الأبحاث إلى خطوات عملية قابلة للتنفيذ. فعندما تُبنى السياسات على الأدلة وتُنفذ بالشراكة مع المجتمعات، تصبح استدامة الأثر وفاعليته على المدى الطويل من النتائج المضمونة.”

فيما أكدت ميس أبو حجاب، نائب المدير التنفيذي بمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، أن نجاح المؤسسة على مدار الأعوام الماضية في التحول إلى مؤسسة مانحة قائمة على الأدلة، كان أمرًا استلزم اعتماد مستويات تقييم صارمة لجميع المشاريع المتقدمة للحصول على دعم وتمويل من المؤسسة. وفي عام 2023، أطلقت المؤسسة الاستراتيجية الخمسية التي تهدف إلى الحد من الفقر متعدد الأبعاد، وتمكين وكلاء التغيير القادرين على إحداث تغيرات ملموسة في مجتمعاتهم.

تابعت:”ولتحقيق ذلك، تحولت المؤسسة من العطاء التقليدي إلى نهج تمويلي يستثمر في الأثر الاجتماعي، ويرصد ويعظم هذا الاستثمار الهادف لمجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بعيشة كريمة. وقد نجحت سلسلة BEP في إنشاء منصة مصرية متخصصة تربط البحث العلمي الرصين بصنع السياسات التنموية، مما وضع مصر في مقدمة الدول التي تتبنى التنمية القائمة على الأدلة. وساهمت السلسلة في نشر ثقافة استخدام الأدلة العلمية في صنع السياسات، بدلاً من الاعتماد على الخبرة الشخصية أو التقديرات العامة. كما أثمر هذا التعاون عن إصدار ورقتي سياسة رائدتين حول “الاستهداف في مشاريع التنمية في مصر” و”العبء المزدوج لسوء التغذية”، مما أثرى المكتبة التنموية المصرية بأدلة علمية قوية”.

في السياق ذاته، قالت سيكاندرا كردي – قائد البرنامج القطري، المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية: نحن متحمسون للتعاون مع شركائنا مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية وبنك الطعام المصري لتسليط الضوء على الأبحاث والقضايا الراهنة في مجال تنمية الطفولة المبكرة، من خلال جمع الباحثين المهتمين بقضايا التغذية ومشاركة المرأة في سوق العمل إلى جانب صانعي السياسات والمؤسسات التنموية التي يمكنها الاستفادة من هذه الأدلة لتوجيه أعمالها وتعزيز أثرها .

جمعت الندوة، التي نُقلت فعالياتها مباشرة على المنصات الرقمية، نخبة من أبرز المتحدثين، وبمشاركة فاعلة من ممثلي وزارة التضامن الاجتماعي، ومنظمة اليونيسيف، وعدد من الأكاديميين والخبراء في مجالات الاقتصاد والتغذية والتعليم، من أبرزهم: نجلاء عرفة، هانم عمر، رشا رمضان، بسمة يسى، عبد الرحمن ناجي.

وعلى مدار جلسات تناول المشاركون محاور متعددة، أبرزها التغذية في مرحلة الطفولة المبكرة، التعليم ما قبل الابتدائي، دور الحضانات، الرضاعة الطبيعية، وتأثير كل ذلك على جودة الحياة ومشاركة المرأة في سوق العمل. وجرى عرض نتائج أبحاث مكتملة وتجارب تدخلية قيد التنفيذ، ومناقشة سبل توسيع نطاقها بالتنسيق مع الجهات الحكومية. كما تضمنت الجلسات عروضًا سريعة ومناقشات جماعية أدارها مختصون من بنك الطعام والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، وشملت تحليلات لبيانات عمليات المسح الوطنية، وتصميم تجارب تقييم السياسات، ومقترحات لتعزيز الاستخدام الفعال للوقت لدى السيدات، بما يساهم في رفع نسبة مشاركتهن في الاقتصاد الوطني، خاصة وأن الإحصاءات الأخيرة تشير إلى انخفاض هذه النسبة إلى 18% في عام 2023، وهو ما يستدعي تدخلات نوعية مستندة إلى الأدلة.

واختتمت الندوة بكلمات من الجهات المنظمة، استعرضت خلالها مخرجات سلسلة “بناء الجسور بين الأدلة والسياسات”، والتي امتدت على مدار عامين لتغطي موضوعات متعددة، شملت الزراعة الذكية مناخيًا، الأمن الغذائي، والتغذية المدرسية، إلى جانب موضوع الطفولة المبكرة الذي توج السلسلة بندوتها السادسة.

وأكد المنظمون على أهمية تحويل هذه المخرجات إلى أدوات لصنع السياسات العامة، والاستفادة منها في تحسين تصميم البرامج التنموية على المستوى المحلي والوطني.

وتأتي هذه الجهود ضمن مبادرة السياسات المبتكرة التي انطلقت عام 2023 لتعزيز استخدام الأدلة في صناعة القرار، بالشراكة بين بنك الطعام المصري ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، في مسعى لبناء منظومة وطنية أكثر استجابة وفعالية في مواجهة التحديات التنموية. وتواصل هذه الشراكة تقديم نموذج عملي للتكامل بين مؤسسات المجتمع المدني والمجتمع البحثي والحكومة، بما يعزز جودة القرارات التنموية ويضمن تحقيق أثر مستدام على المجتمعات الأكثر احتياجًا في مصر.

قد يعجبك ايضا