محيي الدين: التمويل الاستباقي ضرورة لتعزيز صمود الدول أمام الأزمات والكوارث

أكد الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة ورئيس فريق الخبراء المعني بحل أزمة الدين العالمي، أهمية توفير التمويل اللازم للتعامل مع الأزمات قبل وقوعها، باعتباره أداة رئيسية لتمكين الدول من التصدي الفعال للكوارث وتحقيق استقرار اقتصادي وسياسي مستدام.

جاء ذلك خلال مشاركته في فعالية دولية بعنوان “توفير التمويل اللازم للتعامل مع الأزمات قبل وقوعها”، نظمتها المملكة المتحدة وبربادوس على هامش منتدى تمويل التنمية التابع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة بمدينة نيويورك. وشهدت الفعالية مشاركة عدد من كبار المسؤولين الدوليين الذين شددوا على ضرورة إصلاح النظام المالي العالمي لمواجهة الأزمات المتفاقمة.

أهمية التمويل الاستباقي في مواجهة تغير المناخ والأزمات المتكررة

وأوضح محيي الدين أن العالم يواجه تحديات متزايدة تشمل النزاعات وتغير المناخ والضغوط الاقتصادية، في ظل نظام تمويلي للكوارث لا يزال يعتمد بشكل كبير على الاستجابة بعد وقوع الأزمة. وأشار إلى أن 98% من التمويل يتم توجيهه بعد الكارثة، رغم إمكانية التنبؤ بالعديد من المخاطر مسبقًا.

وأضاف أن المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية (FfD4)، المزمع عقده في إشبيلية يونيو المقبل، يمثل فرصة محورية لإصلاح هيكل التمويل العالمي، بما يضمن تعزيز أدوات التمويل الاستباقي ودمجها في السياسات الاقتصادية للدول.

دعوة لهدف عالمي لتغطية 50% من سكان الدول المعرضة للكوارث

وشدد محيي الدين على أهمية تحديد هدف عالمي يتمثل في تغطية 50% على الأقل من سكان الدول المعرضة للكوارث بأدوات مالية استباقية بحلول عام 2030. وأوصى بتبني هذا الهدف خلال FfD4، مع تضمينه آليات تمويل مثل سندات الكوارث السيادية وخطوط الائتمان الطارئة من البنوك التنموية متعددة الأطراف.

التمويل الوطني يجب أن يكون مملوكًا للدول وبالتنسيق مع الشركاء الدوليين

وأكد محيي الدين أن الحلول المالية لمواجهة الكوارث يجب أن تكون بقيادة وطنية، من خلال دمج أدوات التمويل المسبق ضمن خطط التنمية الوطنية والاستراتيجيات المالية للدول، مع الاستفادة من المشورة التقنية للجهات الدولية.

ودعا إلى نهج تعاوني يشمل الأمم المتحدة، والبنوك التنموية، والقطاع الخاص، لتعزيز دمج التمويل الاستباقي في شراكات التنمية، وتقديم الدعم اللازم للدول لبناء أنظمة تمويل متعددة المستويات تتناسب مع حجم وتكرار المخاطر.

الانتقال من الاستدانة إلى الاستثمار في الصمود

وفي ختام كلمته، حذر محيي الدين من استمرار الاعتماد على التمويل القائم على الاستدانة لمواجهة الأزمات، مشددًا على ضرورة الانتقال نحو نماذج تمويل تستثمر في الصمود والمرونة الاقتصادية. وقال: “إذا لم يتم توفير التمويل اللازم بشكل استباقي، ستواصل الدول دوامة الديون في كل أزمة جديدة”.

مشاركون دوليون بارزون في فعالية الأمم المتحدة

وشارك في الفعالية عدد من الشخصيات الدبلوماسية والمالية الدولية، منهم السفير جيمس كاريوكي، نائب الممثل الدائم للمملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، والسفير فرانسوا جاكمان، الممثل الدائم لبربادوس، والسفير كليمنت نمانجالي، نائب الممثل الدائم لملاوي، وجون أدريان ناراج من وزارة المالية الفلبينية، وتوني شاي فريكلتون، رئيسة مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث في نيويورك. وأدار الجلسة فيل ستيفنز، مدير التمويل الدولي في المملكة المتحدة.