استعرضت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، خلال مشاركتها باجتماع لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب، أبرز جهود مصر في مواجهة آثار تغير المناخ والتصحر في القارة الأفريقية، مؤكدة أن مصر باتت لاعبًا رئيسيًا في العمل البيئي على المستويين الإقليمي والدولي، وأنها تسعى لتحويل التحديات البيئية إلى فرص تنموية واقتصادية مستدامة.
وأكدت الوزيرة أن حصولها مؤخرًا على منصب المدير التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر يمثل تتويجًا لثقة القيادة السياسية، ويجسّد التقدير الدولي للدور الريادي لمصر في قضايا البيئة، خصوصًا على مستوى القارة الأفريقية، التي تعاني من تأثر 45% من أراضيها بالتصحر.
رسالة مصر للعالم: تكامل الاتفاقيات البيئية الثلاث
أوضحت الوزيرة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي بعث برسالة قوية خلال رئاسة مصر لمؤتمر التنوع البيولوجي COP14، بإطلاق نداء يدعو إلى الربط بين اتفاقيات التصحر، والمناخ، والتنوع البيولوجي، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن هذه الاتفاقيات نشأت معًا في تسعينيات القرن الماضي، لكن العمل بها تفرّق على مدار السنوات.
وفي هذا السياق، أطلقت مصر المبادرة الرئاسية للربط بين الاتفاقيات الثلاث، وبدأت تنفيذ مشروعات قادرة على معالجة أكثر من تحدٍّ بيئي، من بينها مشروعات حماية السواحل عبر حلول قائمة على الطبيعة، مثل بناء الحواجز الساحلية التي ساهمت في حماية 80 كم من الشواطئ باستثمارات تجاوزت 7 مليارات جنيه، بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والري.
الريادة المصرية في حلول التكيف: من البحر الأحمر للساحل الشمالي
أعلنت الوزيرة عن تنفيذ دراستين استراتيجيتين لتقييم الأثر البيئي لكل من الساحل الشمالي الغربي وجنوب البحر الأحمر، بالتعاون مع وزارة الإسكان ومحافظات معنية، مشيرة إلى أهمية استرشاد المستثمرين بهما لتعزيز الاستثمار المستدام، خصوصًا في المناطق ذات التنوع البيولوجي الفريد.
وأضافت أن مصر احتلت المرتبة الأولى أفريقيًا في ابتكار الحلول القائمة على الطبيعة من قبل السكان المحليين، وهو ما يعزز مفهوم التكيف المجتمعي ويؤسس لنموذج يحتذى به في القارة.
صوت أفريقيا موحد في مواجهة التصحر: من باريس إلى شرم الشيخ
لفتت الوزيرة إلى أن اتفاقية مكافحة التصحر نشأت خصيصًا لأفريقيا قبل أن تنضم إليها بقية دول العالم، وهو ما يؤكد مدى هشاشة القارة أمام هذا التحدي. وقد كان لمصر دور بارز في إطلاق المبادرة الأفريقية للتكيف عام 2015 في باريس باسم المجموعة الأفريقية، لتصبح صوتًا موحدًا يعبر عن احتياجات القارة في الأمن الغذائي والتوسع الزراعي.
وأكدت أن التصحر لم يعد ملفًا فنيًا فقط، بل أصبح قضية سياسية واقتصادية واجتماعية تمس الأمن والاستقرار، مع ارتفاع وتيرة النزاعات وتزايد الهجرة غير الشرعية.
من صندوق الخسائر إلى الأمن الغذائي: مصر تحشد التمويل وتعيد توجيه الأولويات
في سياق مواجهة آثار تغير المناخ، أشارت وزيرة البيئة إلى دور مصر المحوري في إنشاء صندوق الخسائر والأضرار خلال رئاستها لمؤتمر COP27، والمساهمة في تفعيله خلال COP28، وبدء حشد الموارد له في COP29 بأذربيجان، حيث تُعد مصر حاليًا مجموعة من المشروعات البيئية المؤهلة للدعم.
وأضافت أن مصر تعمل على تطوير خريطة تفاعلية لتغير المناخ بالتعاون مع هيئة المساحة العسكرية ووزارة الموارد المائية، لتمكين الدولة من التخطيط الاستباقي لموجات الطقس الجامحة، وتحقيق التكامل بين بيانات الإنذار المبكر على مستوى القارة.
البيئة محفز للاستثمار والتنمية: من قش الأرز إلى البلاستيك
أكدت الوزيرة أن ملف البيئة لم يعد عبئًا تنمويًا، بل محفزًا للنمو، موضحة أن تحدي “قش الأرز” تحول إلى فرصة اقتصادية عبر تدويره لصالح المزارعين، كما أعدت الوزارة أدلة إرشادية لمساعدة القطاع الصناعي على تقليل الانبعاثات والتوافق البيئي.
وفي ملف الحد من تلوث البلاستيك، أشارت الوزيرة إلى تطورات المفاوضات نحو اتفاق عالمي ملزم، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لتقليل الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام، بالتعاون مع اتحاد الصناعات، كما تم إدراج إنتاج البدائل ضمن الحوافز الخضراء في قانون الاستثمار الجديد، مع إصدار قرار المسؤولية الممتدة للمنتج، بالإضافة إلى الحملة القومية للتوعية تحت شعار “قللها”.
مصر نموذج إقليمي في مواجهة التصحر والتغير المناخي
اختتمت الدكتورة ياسمين فؤاد كلمتها بتأكيد أن ما تنفذه مصر على المستوى الوطني يمثل نموذجًا يمكن لدول أخرى الاقتداء به، ويعكس التحول النوعي في النظرة إلى البيئة، من تحدٍّ إلى فرصة، مشيرة إلى استعداد مصر لاستضافة اتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط من التلوث هذا العام، بما يعزز مكانتها البيئية إقليميًا ودوليًا.