اعتبرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن جهود مكافحة تغير المناخ العالمية في حالة “تخبط”، وتواجه العديد من التحديات من قبل فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية رغم أنه “قد يشكل عائقًا آخر أمام التحركات الدولية”.
وقالت الصحيفة، في سياق مقال للرأي لكاتب العمود إيشان ثارور، بعددها الصادر اليوم الأحد، إنه “حتى قبل العودة الوشيكة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض، كانت جهود مكافحة تغير المناخ العالمية في موقف صعب. فهناك فجوات كبيرة بين البلدان في العالم المتقدم والنامي حول كيفية خفض الانبعاثات بشكل جماعي، والتخفيف من الآثار الكارثية التي يفرضها ارتفاع درجة حرارة الكوكب، وتمويل هذه الجهود”.
وفي بعض الديمقراطيات الغربية، هناك رد فعل عنيف متزايد ضد السياسات الخضراء، حيث يستاء العديد من الضرائب الباهظة المفروضة على الكربون، وفقدان إعانات الوقود، واحتمال فرض لوائح بيئية أكثر صرامة من شأنها أن ترفع تكاليف الأسر.
وفي الوقت نفسه، تتعالى التحذيرات الكوكبية بكامل قوتها، حيث يتوقع العلماء أن يكون هذا العام هو الأكثر سخونة على الإطلاق، ليحل محل عام 2023، حامل اللقب، حيث قال أحد الخبراء “من المحتمل أيضًا أن يكون هذا هو أول عام تقويمي كامل ترتفع فيه درجات الحرارة بأكثر من 1.5 درجة مئوية فوق المتوسط ما قبل الصناعة، وهو خط حرج يشير إلى أن الأرض تعبر إلى منطقة حيث قد تكون بعض تأثيرات المناخ المتطرفة غير قابلة للردع”.
وأشار إلى أن زعماء العالم والناشطين وصناع السياسات والمديرين التنفيذيين للشركات يتواجدون حاليًا في مدينة باكو عاصمة أذربيجان الغنية بالنفط، لحضور الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29).
وافتتحت قمة المناخ، التي تستمر لمدة أسبوعين، يوم الإثنين الماضي، لكن العديد من رؤساء الدول البارزين، بما في ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الصيني شي جين بينج، تخطوها، خاصة أنه بالنسبة للبعض، فإن جلسة مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى في البرازيل لها الأسبقية.
وأضاف المقال أن “اجتماعات (كوب 29) لا تسير بسلاسة.. ففي الداخل، يشعر الحاضرون بحالة إحباط من بطء وتيرة المفاوضات بشأن صفقة جديدة تهدف إلى جمع تريليون دولار لتمويل المناخ للدول الأكثر فقرًا.. وفي الخارج، يأسف النشطاء على وجود أكثر من 1700 من جماعات الضغط من صناعة الوقود الأحفوري.. ثم هناك ظل ترامب، ففي ولايته الأولى، انسحب من اتفاقية باريس للمناخ، التي تدعم مبادئها وأهدافها اجتماعات مؤتمر المناخ؛ ووعد بفعل ذلك مرة أخرى، كما سخر من علم تغير المناخ باعتباره (خدعة(، وحاول سحب التمويل عن أبحاث المناخ وسخر من الجهود الديمقراطية للتعامل معها- مثل قانون بايدن الضخم لخفض التضخم- ووصفها بأنها (خدعة)”.
وتابع المقال أن ترامب تعهد “بالحفر”، حتى مع ضخ الولايات المتحدة المزيد من النفط والغاز أكثر من أي وقت مضى، مضيفًا أن لي زيلدين، الذي اختاره ترامب لقيادة وكالة حماية البيئة، ودوج بورجوم، الذي تم اختياره وزيرًا للداخلية ورئيسًا للمجلس الوطني للطاقة ليكون “قيصر الطاقة” لترامب، يمكنهما إلغاء عدد لا يحصى من اللوائح التي تركز على المناخ على المستوى الفيدرالي، وإنهاء إعانات الطاقة النظيفة ومواصلة الحفر على الأراضي الفيدرالية.
وفي باكو، لم يبالغ جون بوديستا، مبعوث بايدن للمناخ، في الكلام حيث قال: في يناير المقبل، سننصب رئيسًا يتم التعبير عن علاقته بتغير المناخ بكلمات مثل “خدعة “و “الوقود الأحفوري، لا شيء من هذا خدعة. إنه حقيقي. إنها مسألة حياة أو موت”.
لكن بوديستا حاول طمأنة نظرائه بأن ترامب لا يمكنه سوى إبطاء بعض الخطوات الرئيسية التي تم اتخاذها في الولايات المتحدة، خاصة على مستوى الولايات، حيث يرغب بعض الساسة الجمهوريين في الحفاظ على سلسلة التمويل الحكومي التي تم إطلاقها للاستثمارات المحلية في مشاريع الطاقة المتجددة والبنية التحتية الكبرى حتى أن كبار المسئولين التنفيذيين في مجال النفط يحثون ترامب بالحفاظ على الزخم.
لكن من المرجح أن يزعج ترامب المناقشة العالمية.. فهو يعود إلى البيت الأبيض وسط مجموعة جديدة من الحلفاء اليمينيين الذين يشاركونه تشككه في المناخ وحماسه لإلغاء القيود التنظيمية. بعد أن تحدث ترامب والرئيس الأرجنتيني الليبرالي خافيير ميلي الأسبوع الماضي، تبين أن الأرجنتين سحبت وفدها من باكو وتفكر في الانسحاب من اتفاق باريس أيضًا.. لقد وصف ميلي تغير المناخ بأنه “كذبة اشتراكية” ووصف علماء المناخ بأنهم “اشتراكيون كسالى”. وعند توليه منصبه في ديسمبر الماضي، حل وزارة البيئة في بلاده.
وفي باكو، هناك الكثير من الجغرافيا السياسية المتوترة الأخرى التي تتكشف بدون ترامب. فقد أصبحت الدول الجزرية الصغيرة على الخطوط الأمامية لتغير المناخ غير صبورة إزاء ما تراه عدم كفاية الجهود التي تبذلها الدول الأكثر ثراءً. وأعلن جيمس مارابي، رئيس وزراء بابوا غينيا الجديدة، هذا العام أن بلاده لن ترسل وفدًا إلى باكو لأن “أصحاب البصمة الكربونية الكبيرة في العالم” لا يوفون بتعهداتهم.
وقد ألقى المدافعون البارزون أيديهم في يأس.. ففي يوم الجمعة، قدمت مجموعة من خبراء سياسة المناخ المؤثرين، بما في ذلك الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، والرئيسة السابقة لأيرلندا ماري روبنسون، ورئيسة المناخ السابقة في الأمم المتحدة كريستيانا فيجيريس، رسالة إلى الأمم المتحدة تدعو إلى إصلاح شامل لعملية مؤتمر الأطراف، بما في ذلك تنظيم اجتماعات أصغر حجمًا حول إجراءات أكثر حسمًا وإعطاء الدول النامية صوتًا أكبر وجماعات الضغط في مجال الوقود الأحفوري صوتًا أصغر.. وقد كتبوا: “من الواضح الآن أن مؤتمر الأطراف لم يعد صالحًا للغرض. نحن بحاجة إلى التحول من التفاوض إلى التنفيذ”.